-->

المقاربات النظرية و المنهجية في دراسة جمهور وسائل الإعلام و مستخدمي الوسائط الجديدة

المقاربات النظرية و المنهجية في دراسة جمهور وسائل الإعلام و مستخدمي الوسائط الجديدة
المقاربات النظرية و المنهجية في دراسة جمهور وسائل الإعلام و مستخدمي الوسائط الجديدة

الأستاذ: قدي عبد الرحمان          باحث في مجال تكنولوجيات الإعلام و الاتصال الجديدة



علوم الإعلام و الاتصال هي ربط لمصطلح (علوم) مع المجال المعرفي المرتبط بالإعلام و الاتصال، و لم يُطلَق عليها مصطلح (علم) بسبب أنها منذ بدايات ظهورها من خلال الدراسات الأولى التي أجريت في مجال الإعلام و كذلك الاتصال كانت تستخدم عدة فروع علمية أخرى مستعينة بنظرياتها و مناهجها كعلم النفس و علم الاجتماع و علم الأنثروبولوجيا و علم الاقتصاد و غيرها، حتى يمكن فهم الظاهرة الإعلامية و الظاهرة الاتصالية في سياقها لأنها غير معزولة، بل تتداخل و تتفاعل مع كل ما يحيط بالبيئة التي تحدث فيها.

ثم بعد إجراء المزيد من البحوث و الدراسات الاتصالية استطاع بعض الباحثين تأسيس نظريات خاصة بالاتصال، و تمكنت بذلك علوم الإعلام و الاتصال أن تستقل نسبيا عن بقية العلوم الأخرى، كما أن المتأمل في ميدان المعرفة العلمية يمكنه أن يتوصل إلى إحدى الحقائق الثابتة و هي أن المعارف الأخرى في بقية العلوم قد تنعدم بدون وجود الاتصال.

حتى في مجال التاريخ لو تمعّنا في العديد من الأحداث التي حدثت في الماضي من خلافات و نزاعات و حروب و غير ذلك سنجد بأن أسباب حدوثها هي مشاكل اتصالية في الأساس، و لذلك نستنتج بأن الاتصال الفعّال يمكن أن يحل العديد من المشاكل بين الأفراد و الجماعات و حتى بين الدول و الأمم، و هذا هو سبب دراسة الاتصال من جميع عناصره بدءا بالمرسل و انتهاء بالأثر الناتج عن أي عملية اتصالية.

و دراسات الجمهور كتخصص احتلت أهمية كبيرة ضمن علوم الإعلام و الاتصال خلال هذه السنوات الأخيرة نظرا لزيادة عدد الباحثين المهتمين بهذا التخصص و زيادة البحوث التي تدرس جمهور وسائل الإعلام، و تزامنا مع انتشار دراسات الجمهور ظهرت العديد من المحاولات البحثية التي اهتمت بدراسة مستخدمي الوسائط الجديدة كظاهرة ارتبطت بانتشار التكنولوجيات الجديدة للإعلام و الاتصال و استخدامها في تلقي المضامين الإعلامية و الاتصالية، و من هذا المنطلق سنجيب في هذا المقال على التساؤل التالي: ما هي أبرز المقاربات النظرية و المنهجية التي يمكن الاعتماد عليها في دراسة جمهور وسائل الإعلام و مستخدمي الوسائط الجديدة ؟



مفهوم الاتصال الجماهيري:

الاتصال الجماهيري هو كل إعلام موجه نحو مجموعة من الأفراد عددهم كبير و غير معروفين لا بذواتهم و لا بسماتهم و لا بأماكنهم.

"كما أن الاتصال الجماهيري - كغيره من أشكال الاتصال الأخرى - لديه مخطط يوضح عناصره و يبين المراحل التي تمر بها المعلومات حتى تصل إلى وجهتها، و هذه العناصر هي كالتالي:

S: المرسل Sender أو المصدر Source أو النظام System.    

M1: رسالة Message أو مضمون (شفوي، مكتوب، مسموع، مرئي).

M2: وسيلة قد تتمثل في وسائل تقليدية Old Media أو وسائط جديدة New Media.

R: المستقبل Receiver.

E: الأثر Effect.

F: التغذية العكسية Feedback."1


مفهوم الجمهور

تعددت الآراء حول مفهوم جمهور وسائل الإعلام حتى أصبح لزاما على كل باحث يدرس موضوعا متعلقا بهذا النوع المميز من الجماهير أن يحدد مفهومه الذي سيعتمده إجرائيا ضمن دراسته، و لذلك سنتطرق إلى مفاهيم أشهر أنواع التجمعات الإنسانية حتى نصل إلى أنسب مفهوم يمكن أن نطلقه على جمهور وسائل الإعلام.

فمن الجانب التاريخي مفهوم الجمهور قد تطور خلال خمس (05) مراحل تاريخية، و قد كان أصله يشير إلى مجموع المتفرجين على عرض درامي أو استعراض عام يستقطب الناس، أما مراحله في مجال الاتصال فتتمثل فيما يلي:

- المرحلة الأولى: ظهر فيها جمهور القراء بعد إصدار الصحف و النشريات و المطبوعات بفضل اختراع الطباعة من قبل جوتمبرغ.

- المرحلة الثانية: أفرزت الثورة الصناعية تغيرات اجتماعية ساهمت في تنمية الصحافة الشعبية و بدأت تتخذ شكلها الجماهيري.

- المرحلة الثالثة: بظهور الإذاعة في العشرينيات و التلفزيون في الخمسينيات من القرن الماضي أصبح الجمهور غير محدد في المكان و تباعد أفراده كما تباعد المرسل من المستمعين و المشاهدين.

- المرحلة الرابعة: تم خلالها تبني مبادئ الديمقراطية السياسية التي انعكست على مهام وسائل الإعلام و وظائفها و على الرقابة السياسية و الاجتماعية و وعي المجتمع.

- المرحلة الخامسة: ثورة تكنولوجيات الاتصال الجديدة لم تكتمل و لم تظهر تأثيراتها على مفهوم الجمهور بوضوح، و لكنها أعطت للجمهور أبعادا تتجاوز الحدود السياسية و الجغرافية و الثقافية، بل أصبح متواجدا في كل مكان و في نفس الزمن بصورته و صوته و كلماته المكتوبة كمرسل و متلقي.2

تشير كلمة "جمهور" في المدرسة الإنجلوساكسونية التي هي ترجمة للمصطلح Audience إلى الجمهور الذي يتعرض لأي وسيلة اتصال جماهيري مهما كانت، كالحاضرين لمشاهدة فيلم في قاعة سينما مثلا أو المستمعين للإذاعة في بدايات ظهورها ... إلخ، بينما عبارة "الجمهور العام" هي ترجمة للمصطلح Public الذي يعني مجموعة من الناس ذوو مستوى علمي يهتمون بقضايا فكرية كبرى مشتركة بين أفراد المجتمع، حيث يتلقون معلوماتها من مصادر مختلفة بما فيها وسائل الإعلام، و يهدفون من خلال ذلك إلى تكوين رأي عام في المجتمع الذي يعيشون فيه حول تلك القضايا، أما كلمة "الجماهير" هي ترجمة للمصطلح Mass الذي يعني مجموعة من الناس تشترك في التعرض للرسائل الإعلامية التي تبثها وسائل الاتصال الجماهيري.3 



خصائص جمهور وسائل الإعلام:

حاول "بلومر" أن يصل إلى مفهوم جمهور وسائل الإعلام كنوع من الجمهور له مميزاته التي تميزه عن باقي أنواع الجمهور، و ذلك من خلال التفكير في خصائص كل من أشكال التجمعات البشرية (الجماعة، الحشد، الجمهور العام، الجماهير) كما هي مترجمة من أصلها اللاتيني "الإنجليزي" أو "الفرنسي"، و توصل إلى ما يلي:

- صفات الجماعة Group: تتميز بالتنظيم، أعضاءها مرتبون و منظمون، يعرفون بعضهم البعض، منسجمون فيما بينهم و تربطهم أهداف مشتركة، و من خلال هذه الصفات لا يمكن أن تمثل الجماعة جمهور وسائل الإعلام.

- صفات الحشد Crowd: يتميز بأنه محدود من حيث الزمن و المكان لأنه ينشأ نتيجة حوادث مفاجئة، لذلك فهو لا يتميز بالتنظيم و لا تربط بين أفراده مصالح مشتركة، و عادة ما تنتج عنه أهداف سلبية نظرا لتأثره بالعواطف و الانفعالات كما يمكن أن تنتج عنه أهداف إيجابية أحيانا، و ما يربط الحشد بوسائل الإعلام هو أنه يمكن لبعض المضامين التي تعرضها وسائل الإعلام أن تؤدي إلى إنشاء حشد في المجتمع لفترة زمنية معينة ثم يتفكك بعد ذلك.

- صفات الجمهور العام Public: يتميز بأنه يتكون في الغالب من نخبة المثقفين في المجتمع، و يتشكل بسبب قضايا مشتركة في الحياة العامة بهدف تكوين رأي عام حول كل واحدة منها من خلال كسب تأييد أو معارضة الجمهور حول قضية معينة، و ظهر هذا النوع من الجمهور بظهور الطباعة ثم الصحافة، فالميزة التي تميز هذا الجمهور العام أنه يعتبر جزءا من الأفراد الممثلين للمجتمع، و لا ينفرد بالتعرض لوسائل الإعلام لذلك لا يمكن أن يمثل جمهورها.

الجماهير Mass: كلمة الجماهير في أصلها الإنجليزي (Mass) تعني الكتلة، و هي تشير إلى تشكل مجتمعات الصناعة في بريطانيا كنتيجة لهجرة سكان الأرياف من مناطق مختلفة، فنتج عن ذلك تكتل للجماهير الذين يختلفون من حيث ثقافاتهم و خصائصهم الاجتماعية و الفكرية ...، فظهر الإنتاج الصناعي الجماهيري Mass Production، و ظهرت في مرحلة أخرى الثقافة الجماهيرية Mass Cultur ثم ظهر في مرحلة أكثر تطورا ما يسمى بـ المجتمع الجماهيري Mass Social، فالصحافة التي كانت تهتم بالطبقة الأرستقراطية منذ بدايات ظهورها لم تعد قادرة على تحقيق الربح بسبب صغر حجم جمهورها الذي يهتم بها و يشتريها، فتوسع نشاط الصحافة المكتوبة لتصبح ذات طابع جماهيري، و بدأت بنشر أخبار الإثارة و الفضائح ثم تحورت لتصبح متنوعة الاهتمامات حتى أطلق عليها مصطلح Mass Media الذي أصبح يطلق على وسائل الإعلام المعروفة في وقتنا الحالي.

- صفات الجماهير: يتميز أفراد الجماهير بأنهم غير متجانسين في عاداتهم و تقاليدهم و سلوكياتهم، هم مبعثرون لأنه لا يجمعهم حيز جغرافي واحد، هم أكثر أنواع الجمهور اتساعا من حيث الحجم، غير منظمين، غير متعارفين بينهم، كما أن وجودهم غير مستقر في الزمان و المكان.4

و قبل أن نصل إلى تحديد مفهوم جمهور وسائل الإعلام لابد من معرفة ماذا يقصد بالوسيلة الإعلامية:

الوسيلة الإعلامية:

هي مجموعة من الموارد المادية و البشرية التي تشكل مؤسسة تختص بالبحث عن المعلومات التي تعالجها ثم ترسلها عبر دعائم تتمثل في المطبوعات أو الأجهزة الإلكترونية، فالوسيلة إذا هي نظام يجري ضمن سياق اجتماعي، ثقافي، اقتصادي، سياسي ... إلخ5، أما الدعائم (مثل جهاز الراديو و جهاز التلفزيون) فتقوم بنقل الرسالة كما هي منذ إرسالها دون تغيير بغض النظر عن البيئة المحيطة التي تتواجد ضمنها، و بالتالي نستنتج أن الوسائل تتمايز عن بعضها البعض من حيث سياستها التحريرية و طرق التقديم و لغة نشر الأخبار و المعلومات ...إلخ.

من خلال الربط بين وسائل الإعلام، و صفات الجمهور الذي يطلق عليه في الإنجليزية مصطلح (Mass)، نجد بأن أفراده الذين يتعرضون لوسائل الإعلام تختلف عاداتهم و تقاليدهم و سلوكياتهم، إضافة إلى أنه لا يجمعهم حيز جغرافي واحد فهم مبعثرون في مناطق مختلفة، كما أنه لا يجمع بينهم تنظيم معين، و سبب ذلك أنهم لا يعرفون بعضهم البعض و زيادة على ذلك هم لا يعرفون القائم بالاتصال الذي يبث لهم مختلف الرسائل من الوسيلة الإعلامية، ثم إن البرنامج الإعلامي الواحد يتغير عدد متابعيه في منطقة واحدة من يوم لآخر كما أنه يتغير عدد متابعيه في فترة زمنية معينة من مكان لآخر، و على هذا الأساس نستنتج بأن مصطلح الجماهير Mass هو أقرب مصطلح لجمهور وسائل الإعلام، أي بعبارة أخرى: جمهور الوسيلة الإعلامية أقرب إلى مفهوم الجماهير Mass أكثر من التجمعات البشرية الأخرى.

خصائص البنية الظاهرية لجمهور وسائل الإعلام:

و قد حدد الباحث McQuail خصائص جمهور وسائل الإعلام في بنيته الظاهرية و هي الحجم الواسع، التشتت، عدم التجانس، عدم التعارف (المجهولية)، غياب التنظيم الاجتماعي، وجود اجتماعي غير مستقر في الزمان و المكان.6



السمات الاجتماعية و الديموغرافية للجمهور:

منذ القديم تسببت وسائل الاتصال الجماهيري في تشتيت الأسرة، حيث كان الشباب يترددون على دور السينما، بينما النساء تعودن على الاستماع إلى الإذاعة أثناء القيام بأعمال البيت المختلفة، أما الرجال المتقدمون في السن فكانوا يحرصون على قراءة الصحف و هم منعزلون عن الآخرين، و بذلك كانت الأسرة الواحدة لا تلتقي أثناء التعرض للمضامين الإعلامية. لكن بعد اختراع التلفزيون و انتشاره في المنازل أعاد جمع شتات الأسر من خلال المشاهدة التلفزيونية التي كانت ظاهرة جديدة في وقتها تجمع أفراد الأسرة الواحدة للمناقشة حول ما تطرحه القنوات التلفزيونية حتى صارت الأسرة بوتقة لتشكل المعاني، ثم بظهور وسائل الاتصال الجديدة أعادت هذه الوسائل تشتيت الأسر بسبب الاستخدام الفردي لها، و التعرض إلى مضمون الرسائل الإعلامية من خلالها حيث أصبحت تعرضها مباشرة من خلال شبكة الإنترنت و هو ما يوضح أن مضمون وسائل الاتصال الجماهيري أصبح متوفرا على الخط.

فمن خلال البحوث و الدراسات المتتالية التي أجريت على جماهير وسائل الإعلام تم التوصل إلى عدة ملاحظات، أبرزها أن التعرض للرسائل الإعلامية يختلف من شخص لآخر، و هذا الاختلاف موجود ضمن عدة مستويات تشكل في مجموعها السمات الاجتماعية للجمهور التي وضعها الباحث "إينيس" سنة 1961 بعد أن كرس جهوده لذلك، و تتمثل فيما يلي:

التمايز الاجتماعي: يشير لوجود اختلافات شكلية و جوهرية عند جمهور وسائل الإعلام تتمثل في:

أ-  اختلاف المصالح والاهتمامات: لقد أصبح بديهياً أن مصالح أفراد الجمهور من خلال استعمال وسائل الإعلام ليست متجانسة ولا متطابقة. وهذا ما يفسر جزئيا تنوع الرسائل الإعلامية في الوسيلة الواحدة وتنوع وسائل الإعلام الموجهة للجماعة الواحدة، ويحدد الدوافع والحوافز التي تدفع الجمهور إلى اقتناء وتفضيل رسالة إعلامية أو وسيلة إعلامية دون أخرى.

ب-  اختلاف درجات الإدراك: هذا الاختلاف في مستوى الإدراك العقلي و الحسي الذي يتوقف على التربية و التعليم و الثقافة العامة هو ما يحدد الموقف اتجاه الرسائل والوسائل الإعلامية و فهمها و تفسيرها. وقد أدى التمايز الاجتماعي لأفراد جمهور وسائل الإعلام إلى ظهور مفهوم قادة الرأي، ونظرية تدفق الاتصال على مرحلتين.

ج-  اختلاف مدى التأثير: لقد لوحظ أن الاستجابة لمضمون الرسائل الإعلامية يختلف أيضا من فئة جمهور إلى أخرى، و يختلف لدى أفراد الفئة الواحدة من الجمهور الواحد، نتيجة لجملة من العوامل تتعلق بالجمهور ذاته و بالرسالة و الوسيلة و البيئة الاجتماعية و الثقافية.

وبصفة عامة فإن التمايز الاجتماعي  لجمهور وسائل الإعلام ليس نتيجة مباشرة لاستعمال تلك الوسائل. فمثل هذه الاختلافات توجد عند أفراد كل جماعة قبل التعرض للرسائل الإعلامية، فهي موجودة عند أفراد العائلة وجماعة الأقران وتلاميذ القسم وطلبة الفوج الواحد وأعضاء حزب أو جمعية ... إلخ. كما أنها موجودة عند قراء جريدة، وعند مستمعي محطة إذاعية أو مشاهدي قناة تلفزيونية أو مستعملي شبكة الإنترنت، ولو أن استعمال وسائل الإعلام يدعم بروزها و يسهل دراستها.

التفاعل الاجتماعي: يتمثل في مظاهر معينة هي

- اجتماعية سلوك الجمهور: تشير لاختلاف سلوك أفراد الجمهور تبعا لطبيعة الرسالة أو الوسيلة كتفاعل أفراد العائلة مع التلفاز و فيما بينهم

- الاستعمالات الاجتماعية: تشير إلى أن استعمال وسائل الإعلام عمل اجتماعي كمشاركة أفراد العائلة في التعرض لوسائل الإعلام

- العزلة الاجتماعية: تشير إلى الاستعمال المفرط لوسائل الإعلام بمعزل عن الآخرين

- علاقة الجمهور بالمرسل: يشير لمظهر محاولة المرسل الاتصال بمستقبليه عن طريق رسالة إعلامية أو محاولة بلوغ نفس الأهداف من قبلهما عبر وسائل الإعلام

أنظمة الرقابة المعيارية: تشير إلى وجود قيم تحكم المحتوى و تفرق غالبا بين محتوى وسيلة و أخرى، كما أن هناك تقييم لمختلف وسائل الإعلام و الوقت المخصص للتعرض لها مقابل استعمالات الوقت الأخرى، و توقع الجمهور بأن أصحاب وسائل الإعلام لهم التزامات اجتماعية بتقديم بعض الخدمات العمومية.7

رغم الاختلافات التي أشرنا لها، توجد بعض النقاط التي يتقابل فيها الأفراد، و لذلك استعان علماء الإعلام بمعايير إحصائية تصنف الأفراد حسب السمات التي يتشابهون فيها، و تسمى بـالسمات الديموغرافية حيث تنقسم إلى

- سمات أولية (ثابتة) مثل الجنس، تاريخ الميلاد، مكان الميلاد، الانتماء العرقي ... إلخ.

- سمات مكتسبة (متغيرة) مثل اللغة، الدين، السن، المستوى التعليمي ... إلخ.8

و ضمن الدراسة الإعلامية ينصب الاهتمام على السمات الثابتة كالفرق بين اهتمامات الذكور و اهتمامات الإناث في التعرض لوسائل الإعلام و ما تبثه من مضامين، فالدراسات المرتبطة بالجنس يطلق عليها بالإنجليزية (Gender Studies).

و لأن الجنس لا يعني الكثير في دراسة الجمهور يتم عادة إدخال الفئات العمرية، و عند دراسة جمهور وسيلة إعلامية مثل الصحافة يجب البدء من المرحلة التي يكون مضمونا فيها قراءة الصحف، أي نهاية المرحلة الابتدائية مثلا ... و هكذا بالنسبة لبقية وسائل الإعلام، فضمن هذه الفئات العمرية تختلف المستويات التعليمية لأفراد الجمهور.

فعند دراسة جمهور وسائل الإعلام في الجزائر مثلا ينبغي الأخذ بعين الاعتبار الأميين لأنهم يشكلون نسبة حوالي 25% و لا يمكن أن تكون النتائج صحيحة و تنطبق على الواقع باستبعاد ربع السكان خصوصا إذا كانت الدراسة تتعلق بجمهور الإذاعة و التلفزيون، إلا في حالة إجراء دراسة حول جمهور قراء الصحف أو مستخدمي الوسائط الجديدة، كما توجد سمات أخرى يمكن أن تضاف عند دراسة بعض أنواع الجمهور مثل سمة اللغة، سمة الدين، ... إلخ حسب طبيعة البحث و الموضوع.





تكنولوجيات الإعلام و الاتصال الجديدة (NICT)

ظهور و تطور تكنولوجيات الإعلام و الاتصال:

في العصور القديمة التي كان الإنسان يعتمد فيها على الزراعة من أجل العيش، استعملت العديد من وسائل الاتصال البدائية التي لا يزال بعضها موجودا إلى حد الآن مثل "البراح" و "الطبل" و غيرها من الوسائل ... إلخ، و بعد ظهور الثورة الصناعية التي اعتمدت على الآلة في بريطانيا ثم انتشارها على باقي الدول الأوروبية أنشئت المدن التي ترتكز على النشاط الصناعي و ازدادت كثافتها السكانية بسبب هجرة سكان الريف إليها بحثا عن العمل و كسب الرزق، فظهرت الصحافة المكتوبة كوسيلة إعلام ناتجة عن اختراع الطباعة، ثم الإذاعة في عشرينيات القرن الماضي و بعدها التلفزيون في الخمسينيات لتشكل تكنولوجيات الاتصال القديمة.

و بعد اندلاع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية و الاتحاد السوفياتي التي يمكن اعتبارها بداية عصر الانفجار الإلكتروني لما شهدته التكنولوجيا في مختلف المجالات من تطور ساهمت في تحسين ظروف عيش الإنسان كما ساهمت خلال الحربين العالميتين في تدمير الدول و قتل البشر، ظهرت التكنولوجيات الجديدة للإعلام و الاتصال (New Information and Communication Technologies) التي كان لها الفضل الكبير في اتساع شبكة الاتصالات و نشر المعلومات بين الأفراد و الجماعات في زمن قياسي و بدون حدوث أي خطأ مهما كانت المسافة بعيدة، حيث تمثلت هذه التكنولوجيات في الحاسوب، الأقمار الصناعية و الإنترنت.9

و لمعرفة مكانة تكنولوجيات الاتصال بين باقي التكنولوجيات سنستعرض تصنيفها المتمثل في مايلي:

- التكنولوجيات الخلاقة Creative technologies: تضم كل تكنولوجيا قادرة على إضافة عنصر تكنولوجي لما هو موجود سابقا مثل التكنولوجيا الحيوية Biotechnology التي تضم عمليات التعديل الجيني لتحسين أصناف معينة من الفواكه مثلا، المواد الذكية Smart Materials التي تستعمل في تسهيل عمل الإنسان و توفير الراحة له مثل بيت يحتوي على جهاز تحكم آلي في الأبواب و الإضاءة مثلا، و تكنولوجيا الصغائر Nanotechnology التي تستعمل في تكبير الصور مئات المرات بغية اكتشاف أمراض معينة مثلا.

- التكنولوجيات الهدامة Destructive technology: تضم كل تكنولوجيا تلغي التكنولوجيات التي قبلها مثل ما هو مألوف في مجال الحاسوب بعتاده و برمجياته التي ما إن تظهر ضمنها منتجات جديدة متطورة إلا و ألغت المنتجات السابقة.
أما تكنولوجيات الاتصال هي تكنولوجيات تسيير و استعمال تتميز بالسرعة و الأمن و الجودة و ليست تكنولوجيات خلاقة أو هدامة، شعارها (الإنسان يقدم أقل جهد ليحصل على أكبر منفعة).

و قد ارتبطت التكنولوجيات الجديدة للاتصال من حيث ظهورها بالإلكترون الذي اعتُمِد عليه في تحسين ظروف حياة الإنسان بدل الآلة منذ بداية النصف الثاني من القرن العشرين، فساهمت في ظهور ما يسمى الآن بالوسائط الجديدة (New Media) التي تمثل وسائل الاتصال داخل المجتمعات الافتراضية، هذه المجتمعات تعتبر واقعية و لكن لا يمكن تلمسها عن طريق اللمس، بل يتم الاندماج فيها و التفاعل ضمنها عن طريق شاشة الجهاز الإلكتروني الذي يمكن من خلاله قراءة النصوص و الاستماع للأصوات و رؤية الصور ثابتة كانت أم متحركة.



مفهوم الوسائط الجديدة:

سنتطرق إلى مصطلح الوسائط و أصل تسميتها حسب المدرستين الإنجلوساكسونية و الفرنكوفونية، ففي اللغة الإنجليزية أصل المصطلح هو كلمة Medium التي تعني وسيط، و جمعها هي كلمة Media التي تعني الوسائط، بينما في اللغة الفرنسية فقد تم استعارة هذه الكلمة و استخدامها لتصبح كلمة Media مفردة و جمعها هي كلمة Medias.10

فالوسائط الجديدة كمفهوم إجرائي هي كل الوسائل التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات و الاتصال الجديدة بغرض التواصل بين الأفراد أو إعلامهم بمختلف الأخبار و المعلومات مثل شبكة الإنترنت بمختلف خدماتها (بريد إلكتروني، مواقع تواصل اجتماعي ...)، الهواتف الذكية ... إلخ. أي أن الوسائط الجديدة هي مجموعة من الدعائم كالحاسوب و اللوح الإلكتروني و الهواتف الذكية التي يمكن دمجها في جهاز واحد يشمل استخدام شبكة الإنترنت و شبكة الهاتف و أي نوع آخر من الشبكات يسمح بتشبيك جزء من هذا العالم.



تكنولوجيات الإعلام و الاتصال الجديدة:

تكنولوجيا الحاسوب: يعتبر الحاسوب أول تكنولوجيات الإعلام و الاتصال التي ظهرت خلال أربعينيات القرن الماضي، وقد شهد التطوير من حيث مواد الصنع المستخدمة في صنعه و التكنولوجيات المساهمة في تحديث مكوناته، و يظهر هذا جليا من خلال الأجيال الأربعة التي شهدها تطور الحاسوب ابتداء من عهد حواسيب الصمامات المفرغة (1945-1956) مرورا بظهور حواسيب الترانزستور (1956-1965) فاختراع حواسيب الدارات المدمجة (1965-1971) و انتهاء بعصر حواسيب المعالجات الدقيقة التي تستعمل في وقتنا الحالي.

فالحاسوب هو جهاز إلكتروني يعالج المعلومات بطريقة آلية من خلال استقبالها كبيانات و انتهاء بتخزينها أو إخراجها للمستخدم في أشكال متعددة (نص، صوت، صورة، فيديو)، و يرتبط بالحاسوب مصطلحات أساسية هي:

- البيانات: هي أي مدخلات يمكن لجهاز الكمبيوتر أن يتعامل معها

- المعالجة: هي كل عمليات التنظيم، التعديل و التحويل التي يتم تطبيقها على البيانات من طرف جهاز الكمبيوتر

- المعلومات: هي كل ما نتج عن معالجة البيانات داخل جهاز الكمبيوتر

- التخزين: هي عملية الاحتفاظ بالمعلومات الناتجة عن عملية المعالجة في أجهزة و ملحقات التخزين

- الإخراج: هو عملية إظهار المعلومات في شكل من الأشكال التي يمكن للمستخدم أن يستعملها أو يستفيد منها

الكمبيوتر هو جهاز متعدد الاستعمالات على خلاف الأجهزة الإلكترونية الأخرى التي تفيد الإنسان في مجال محدد، و يعود سبب ذلك إلى قدراته المميزة التي تشبه في وصفها قدرات الإنسان، فكما يمكن للإنسان أن يتعلم من أجل القيام بمهنة جديدة يمكن لجهاز الحاسوب أن يُبرمَج من أجل القيام بمهمة لم يكن يستطيع القيام بها من قبل، و لا يكون ذلك إلا بتوفر شرطين ضروريين هما الملحقات المادية التي تسمح لمستخدم الجهاز بإدخال البيانات أو استعمال مخرجاته و الاستفادة منها، و البرامج اللازمة لاستخدام الملحقات المادية من أجل القيام بالمهمة المحددة.

وقد أدى الحاسوب وظيفة الإعلام بنشر مختلف المعلومات للأفراد و المؤسسات اعتمادا على وسائط التخزين مثل الأقراص الصلبة، الأقراص المرنة و الأقراص المضغوطة، و هذا ما يشبه الحامل الورقي في تأديته لوظيفة الإعلام بواسطة الصحف و الكتب مثلا، ثم ظهرت تقنيات و تطبيقات جديدة مكنت جهاز الحاسوب من أن يصبح وسيلة اتصال و إعلام فعالة و لا يمكن الاستغناء عنها.11

تكنولوجيا الأقمار الصناعية: هي أجهزة إرسال و استقبال تسير في مدار الفضاء الخارجي خارج مجال الجاذبية الأرضية و تسير مع دوران الأرض، و هي قادرة على إعادة نقل الإشارات إلى أي نقطة على سطح الأرض، حيث تعود أول فكرة لإمكانية استخدام الأقمار الصناعية إلى "آرثر كلارك" الذي ذكرها في مقال كتبه سنة 1945م و تنبأ فيها بإمكانية وضع أقمار صناعية تدور في مدارات متزامنة مع حركة الأرض، و بذلك يمكن تجنب العوائق الاعتيادية المتمثلة في التضاريس عموما. 12

و قد تم التوصل إلى اختراع هذه التكنولوجيا للتخلص من مشاكل البث و الإرسال بسبب العوائق الطبيعية كالمرتفعات و الجبال أثناء الحرب الباردة من أجل ضمان وصول المعلومات التي يتم إرسالها إلى الجهة المستقبلة، و ظلت هذه التكنولوجيا محتكرة في المجال العسكري إلى غاية ظهور تكنولوجيا الشبكات.

تكنولوجيا الإنترنت: مصطلح الإنترنت هو ترجمة للكلمة الإنجليزية "Internet"،و التي تعتبر في الأصل اختصار لكلمتين هما Interconnected و Networks، أي أنها تعني (الشبكة البينية) أو (ما بين الشبكات) أو (شبكة الشبكات)، و بالتالي تعرف الإنترنت على أنها شبكة ضخمة تضم الشبكات الصغيرة الموزعة عبر أنحاء العالم التي تضم بدورها ملايين الحواسيب، و هذا بهدف نقل و تبادل المعلومات بينها. و كغيرها من الاختراعات التكنولوجية المشهورة فقد اقتصر استخدامها بعد ظهورها الأول على المجال العسكري فقط، و تم التوصل لاختراع نواتها الأولى بفكرة توفير نظام اتصالات ليس له مركز تحكم رئيسي من أجل ضمان استمرار عمل هذا النظام في حالة تدمير بعض أطرافه، و هو ما تجسد في شبكه وكالة مشروع الأبحاث المتقدمة Advanced Research Projects Agency Network التي يرمز لها اختصارا بـ (ARPANET)، ثم تطورت هذه الشبكة التي اعتبرت بدائية بمرور السنين و بقي استخدامها حكرا على وزارة الدفاع الأمريكية التي استفادت منها في ربط قواعدها العسكرية الموجودة عبر مختلف الدول لتبادل المعلومات حتى سقوط الاتحاد السوفياتي في نهاية العقد الثامن من القرن العشرين، بعدها أطلقت الإنترنت في صورتها الحالية للاستعمال المدني كتقنية يمكنها تشبيك العالم،  و قد ارتبطت مجموعة من المصطلحات بالإنترنت بعد أن اكتمل تطورها لعل أبرزها:

- www هي اختصار للعبارة World Wilde Web و التي تعني الشبكة العنكبوتية العالمية

- HTTP هي اختصار للعبارة HyperText Transfert Protocol و هو نظام يسمح ببث و إرسال المعلومات على صفحات الإنترنت

- IP Adresse هي اختصار لعبارة Internet Protocol Adresse، و هو بروتوكول متربط من حيث الوظيفة مع بروتوكول آخر يرمز له اختصارا بـ TCP التي تعتبر اختصارا لـ Transmission Control Protocol، أي أنهما بروتوكولان يعملان معا (TCP/IP)، الأخير  منهما TCP يستعمل لإرسال المعلومات عن طريق تقسيمها إلى حزم عبر الإنترنت، بينما بروتوكول IP فهو يسمح بتسمية كل جهاز متصل بشبكة الإنترنت حتى يمكن تحديد وجهة المعلومات في كل مرة يجب إرسالها، و ذلك عن طريق 4 ثلاثيات من الأرقام تشكل عددا يقل عن 256 في كل فراغ من الفراغات الأربعة.13

أما الشركة المسؤولة عن توفير الإنترنت عبر العالم هي (ICANN) و اسمها اختصار لـ Internet Corporation Assigned Names and Numbers، حيث تعمل هذه الشركة على توفير أسماء النطاقات للمواقع الإلكترونية مثل (com، net، org، gov، info ... إلخ) و توفر أيضا عناوين الـ IP للحواسيب المرتبطة بالشبكة وفق أنظمة تقنية معينة، و الإنترنت تضم عددا كبيرا جدا من المواقع التي تمثل معلومات هائلة تحتاج إلى مساحات تخزينية كبيرة، فالخادمات الضخمة (Huge Servers) هي التي توفر هذه المساحات التخزينية، حيث تعتبر نوع من الحواسيب العملاقة التي تستخدم لتخزين المعلومات المتداولة عبر شبكة الإنترنت، توجد عبر العالم 13 خادما من هذا النوع، عشرة منها موجودة في دولة الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها موزعة كالتالي:

- 07 خادمات توجد في كاليفورنيا                    - 03 خادمات توجد في واشنطن

و الثلاثة المتبقية موزعة كالتالي:

- خادم متواجد في دولة اليابان                        - خادمان يتواجدان في أوروبا

كما توجد أجهزة تسمى البروكسي (Proxy) تشبه الخادمات الضخمة و إمكانياتها التقنية أقل تمنح خدمة الإنترنت للمزودين (Providers) في مجموعة من الدول، و المزودون هم من يوفرون خدمة الإنترنت للزبائن في دولة ما مثل مزود خدمة الإنترنت (Djaweb) في الجزائر، فمزود الخدمة يوفر الإنترنت للخادمات الصغيرة كالتي توجد في المؤسسات مثلا كما يوفر الإنترنت للمستخدمين العاديين في منازلهم.14

إذا هذه الاختراعات الثلاث (الحاسوب، الأقمار الصناعية، الإنترنت) مثلت التكنولوجيات الجديدة للإعلام و الاتصال، و الوسائط الجديدة التي يستعملها البشر للتواصل فيما بينهم داخل المجتمعات الافتراضية تعتبر التطبيقات الناتجة عن هذه التكنولوجيات.



أنواع الوسائط الجديدة:

قام الباحث علي قسايسية بتقسيم الوسائط الجديدة على أساس 3 جوانب هي الجانب التاريخي، الجانب التقني و جانب المتلقين، و تتمثل هذه الأقسام فيما يلي:

- (E-Media): الوسائط الإلكترونية تعتبر كل وسائل الاتصال الإلكترونية التي تستعمل الإلكترون في تنظيمها و معالجتها و تخزينها و بثها للمعلومات بالنص و الصوت و الصورة مثل الهاتف النقال، البريد الإلكتروني، الصحيفة الإلكترونية، المحاضرات عن بعد ... إلخ، و هذا المصطلح من خلال مفهومه قد يكون واسعا و شاملا ليضم مجموعة من الأجهزة و الخدمات المرتبطة بها، و نظرا لتطور هذه الأجهزة و تطور خدماتها، بل و تداخلها فيما بينها يمكن التوصل إلى تصنيفات جديدة لها رغم صعوبة الأمر، فالهاتف النقال و الجهاز اللوحي مثلا اندمجا ليصبحا ما يسمى بـ Phablette، كما أن بعض الأجهزة اللوحية أصبحت تعمل ما يعمله الحاسوب، و حتى الخدمات كالبريد الإلكتروني لم يعد مقتصرا على إرسال الرسائل الإلكترونية اللاتزامنية، بل اندمجت معه خدمات الدردشة فأصبح من الممكن استعمال البريد الإلكتروني للتواصل الآني بين الأشخاص في نفس الوقت.

- (Online Media): تمثل الوسائط المتواجدة على الخط و يُقصد بها المؤسسات التي تنشئ مواقع إلكترونية في شبكة الإنترنت لكي تصبح متاحة على الخط دائما من خلال عرض معلوماتها و خدماتها ... إلخ، و إنشاء المؤسسات لمواقع إلكترونية هو دليل على معرفتها بأهمية شبكة الإنترنت في وقتنا الحالي و بدورها في منح المؤسسات امتدادا افتراضيا يعزز من حفاظها على ديمومة نشاطها و تقديم منتجاتها.

- (Citizen Media): تشير إلى صحافة المواطن التي انتشرت في شبكة الإنترنت بسبب توفيرها لتقنيات تخزين الملفات السمعية البصرية المسجلة و المصورة و نشرها من قبل جميع المستخدمين، فأصبح ذلك مماثلا لعمل الصحفي الذي يقوم بتغطية الأحداث، ويعرف أيضا باسم Public Participatory Journalism على اعتبار أنه دور يؤديه المواطن الذي يلعب دورا فعالا في عملية جمع و تصنيف وتحليل وصياغة المعلومات والأخبار، و وفقا لتقرير We Media نصف السنوي الذي يصدره مركز الإعلام Media Center التابع للمعهد الأمريكي للصحافة The American Press Institute وضح مفهوم صحافة المواطن بأنه تلك الكيفية التي يصوغ بها الجمهور مستقبل تداول الأخبار والمعلومات، حيث يكون الغرض عادة من المشاركة الإعلامية لمستخدمي شبكة الإنترنت توفير تلك المعلومات المستقلة التي تجسد إلى حد كبير مبدأ الديمقراطية فيما يتعلق ببحث القضايا التي تحتاج إلى توفر معلومات ذات صلة، و يمكن الاعتماد عليها، و هذا المصطلح لا يرتبط بأي صلة مع مهنة الصحافة، تلك التي يقوم بها الصحافيون المحترفون، فصحافة المواطن هي جزء محدد من مفهوم إعلام المواطن مثله في ذلك مثل مصطلح المحتوى الذي يبتكره المواطن.

- (Web Sites): هي جميع المواقع الإلكترونية بغض النظر عن وظيفتها، حيث يعتبر كل موقع إلكتروني مجموعة من ملفات الويب الإلكترونية المرتبطة فيما بينها و المتضمنة لملف افتتاحي يسمى الصفحة الرئيسية، و التي يمكن الولوج من خلالها إلى بقية الوثائق الـمُتضمَّنة في الموقع، و يتم الوصول إلى الموقع عبر كتابة اسمه في المتصفح، هذه المواقع تتعدد حسب نوع التقسيم الذي يحدد أنواعها، فمنها المواقع الساكنة و المواقع الديناميكية، و منها مواقع الويب Web 1.0 و Web 2.0 و Web 3.0، و منها أيضا المصنفة حسب التصنيف الشائع إلى مواقع إخبارية و مواقع ترفيهية و مواقع تعليمية ... إلخ

- (Social Web): تعني الشبكات الاجتماعية في الإنترنت أو ما يُعرف بشبكات التواصل الاجتماعي، و هي عبارة عن مواقع إلكترونية تؤسسها و تبرمجها شركات كبرى لجميع المستخدمين و الأصدقاء لمشاركة الأنشطة و الاهتمامات، و للبحث عن تكوين صداقات و البحث عن اهتمامات و أنشطة لدى أشخاص آخرين، حيث تقدم مجموعة من الخدمات للمستخدمين مثل المحادثة الفورية و الرسائل الخاصة و البريد الإلكتروني و الفيديو و التدوين و مشاركة الملفات و غيرها من الخدمات. و من الواضح أن تلك الشبكات الاجتماعية قد أحدثت تغيّر كبير في كيفية الاتصال والمشاركة بين الأشخاص و المجتمعات و تبادل المعلومات و استطاعت أن تجمع الملايين من المستخدمين في الوقت الحالي، مع العلم أن هذه الشبكات تنقسم حسب الغرض من إنشاءها، فهناك شبكات تجمع أصدقاء الدراسة مثل الفيسبوك facebook عندما ظهر في بداياته و أخرى تجمع أصدقاء العمل مثل LinkedIn كما يوجد موقع تويتر Twitter الخاص بالتغريدات و يوجد الكثير من المواقع الأخرى المشابهة للمواقع التي ذكرناها.

- Wikis: يُقصد بها مواقع الخدمات السريعة، و هي مواقع إلكترونية تتواجد على الانترنت تسمح لزوارها بتعديل محتواها و إضافة محتوى جديد بدون أي قيود، كلمة الـويكي Wiki تعني السرعة، و استخدمت هذه الكلمة كوصف لهذا النوع من المواقع للدلالة على السرعة و السهولة في تعديل محتويات الموقع، و إضافة المحتوى على موقع ويكي هو عمل تشاركي و في حالات كثيرة يسمح لأي شخص بتعديل محتواه من دون التسجيل أو كلمة مرور، و يوجد نوعان أساسيان من هذه المواقع، أحدهما يعرض المعلومات التي تفيد المستخدمين في شتى المجالات كموقع Wikipedia، أما النوع الآخر يعرض المعلومات المسربة عن حقائق أو وثائق سرية بغية كشفها كموقع Wikileaks. 15



تصنيف الدول (من الأساس الاقتصادي إلى الأساس التكنولوجي):

بالرجوع إلى التقسيم الذي كان يصنف الدول في ستينيات القرن الماضي حسب درجة تطورها إلى دول متقدمة، دول سائرة في طريق النمو و دول متخلفة نجد بأن:

- الدول المتقدمة Developed Countries: هي الدول التي استطاعت الوصول إلى مستوى متقدم في الجانب الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي ... إلخ من خلال تحقيقها للمعايير التي كانت تقيس مدى تطور الدول في مجالات هامة محددة مثل عدد الهواتف بالنسبة إلى عدد السكان، و نسبة امتلاك وسائل الإعلام، و نسبة التعليم بالنسبة إلى عدد السكان و نسبة الأمية ... إلخ.

- الدول السائرة في طريق النمو Developing Countries: هي الدول التي تجاوزت مرحلة التخلف الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي ... إلخ و مازالت تعمل على بلوغ و تحقيق التقدم حسب المعايير التي تقيس مدى تطور الدول من خلال إنجازها لبعض مظاهر التقدم و عملها على إنجاز باقي مظاهره مما لم تحققه بعد.

- الدول المتخلفة Underdeveloped Countries: هي الدول التي لم تخرج بعد من مجال التخلف في الجانب الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي ... إلخ، و تعاني من مشاكل عديدة تمنعها من تحقيق تقدم يمهد لها الخروج من هذا التخلف.16

فمن خلال هذا التقسيم نشأ تقسيم جديد يصنف الدول بناءا على مدى تقدمها و تطورها التكنولوجي:

- الدول المتقدمة تكنولوجيا Technologically Developed Countries: يشار إليها اختصارا بـ TDed C، و هي الدول التي تمكنت من الانتقال إلى مجتمع المعلومات من خلال استغلال تكنولوجيات الإعلام و الاتصال حسب مؤشرات محددة تقيم درجة تقدم الدول تكنولوجيا و مدى اندماجها في مجتمع المعلومات، و من بين هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، اليابان، كوريا الجنوبية و الصين إضافة إلى العديد من الدول الأخرى، إلا أن ما يميز الدول التي ذكرناها سابقا هو تجسيدها للحكومة الإلكترونية بمفهومها الكامل.

- الدول النامية تكنولوجيا Technologically Developing Countries: يشار إليها اختصارا بـ TDing C، و هي الدول التي حققت جزءا من التطور التكنولوجي، و ما تزال تبذل جهودا أكبر من أجل مواكبتها للتطور التكنولوجي و اندماجها الكلي في مجتمع المعلومات.

- الدول المتخلفة تكنولوجيا Technologically Underdeveloped Countries: يشار إليها اختصارا بـ TUD C، و هي الدول التي مازالت لم تستطع مواكبة التطور التكنولوجي و لم تتمكن بعد من الولوج إلى مجتمع المعلومات، و لذلك هي مطالبة بمضاعفة الجهود من أجل تخطي هذا التأخر و التخلف.17

هذا التقسيم الذي ذكرناه سابقا يوضح مدى التطور التكنولوجي الذي بلغته بعض الدول، و بعبارة أوضح "لقد بلغت درجة عالية من الرقمنة إلى حد تمكنها من إنشاء الحكومة الإلكترونية Electronic Government و التي تكتب اختصارا E-Government التي أصبحت بديلا عن الحكومة بتجسيدها الإداري و المؤسساتي نظرا لقدرتها على تسيير شؤون الدولة عن طريق شبكة خاصة مرتبطة بالإنترنت"، و تنقسم خدمات الحكومة الإلكترونية إلى ما يلي:

- G2C التي تشير إلى Government to Citizens، و هي تعبر عن جميع خدمات الحكومة التي توفر للمواطنين 24/24 ساعة، منها على سبيل المثال لا الحصر استخراج الوثائق الرسمية إلكترونيا، التعليم الإلكتروني، الصحة الإلكترونية، الدفع الإلكتروني، الانتخابات الإلكترونية ... إلخ.

- G2B التي تشير إلى Government to Business، و هي تعبر عن جميع خدمات الحكومة التي توفر لقطاع الأعمال من مؤسسات و شركات 24/24 ساعة، مثل إمكانية طلب و استلام المشاريع بطريقة إلكترونية و توفير شبكات خاصة لقيام مختلف المنظمات بنشاطاتها إلكترونيا تحت وصاية الدولة.

- B2C التي تشير إلى Businees to Consumer، و هي تعبر عن جميع خدمات قطاع الأعمال التي توفر للمستهلكين 24/24 ساعة، مثل توفير عمليات الشراء للمنتجات و دفع مستحقاتها إلكترونيا، و الاستفادة من الخدمات بنفس الطريقة أيضا.18

و بالرجوع إلى الحكومة الإلكترونية، فرغم أن الهدف النهائي منها هو خدمة المواطن الذي أصبح مواطن شبكي Netizen إلا أن إدخال تكنولوجيات الاتصال في تسيير الدول يؤدي أحيانا لمشاكل قد تكون ذات ضرر بالغ على مصالح المواطنين و استقرار الدولة مثل القرصنة و الاختراق ... إلخ.

إذا أصبحت شبكة الإنترنت تستعمل في كل مجالات الحياة حتى كاد مفهوم "لا يمكننا الاستغناء عن الإنترنت" يتبناه جميع مستعمليها لما رأوا فيها من مميزات تختصر الجهد و المال و الوقت، ففي الجانب السياسي مثلا وصل استعمالها إلى حد تنظيم الانتخابات بها و توفير إمكانية التصويت من خلالها حيث تم تنظيم أول انتخابات رئاسية عن طريق الإنترنت في الولايات المتحدة الأمريكية و تمكن المصوتون من الإدلاء بأصواتهم في بيوتهم و مقرات عملهم، بينما في الجانب التجاري أصبح الاعتماد على شبكة الإنترنت كبيرا جدا لدرجة أن بعض المعاملات التجارية لم تعد تستخدم الأموال النقدية، و أصبح بالإمكان نشر عروض البيع و تلقي طلبات الشراء و إتمام الصفقات التجارية إلكترونيا عبر الشبكة العالمية دون التقاء البائع و المشتري وجها لوجه.

كما لا توجد فقط شبكة الإنترنت التي شبكت العالم، بل توجد شبكات أخرى تؤدي نفس الدور مثل شبكات الهاتف النقال التي مكنت المشتركين بها من مثل ممارسة التجارة الإلكترونية و الدفع الإلكتروني، فمثل هذه الخدمات تعتبر سرية و ذات خصوصية، لذلك تم ابتكار مجموعة من التقنيات التي تسمح بالحفاظ على سرية و خصوصية المعاملات التجارية و المالية عبر شبكات الهاتف النقال تتمثل في:

التوقيع الإلكتروني: يدرج باستخدام جهاز خاص ضمن قاعدة بيانات ليطابق مع توقيع الشخص مستقبلا

البصمة الإلكترونية: تسجل ضمن قاعدة البيانات كوسيلة للتعرف على صاحبها أثناء طلبه لخدمة ما

التعرف على الوجه: تعتبر طريقة أمنية لمعرفة الشخص أثناء طلبه خدمة من خلال معرفة تفاصيل وجهه 19 



من جمهور وسائل الإعلام إلى مستخدمي الوسائط الجديدة:

رأينا سابقا بأنه يمكن تحديد جمهور الوسيلة الإعلامية حسب معايير محددة كالرسالة و مجال النشر أو البث ... إلخ، أما الجمهور في ظل الوسائط الجديدة New Media أصبحت له قدرة على التواجد في كل مكان Ubiquitous Audience حتى على الباخرة و على الطائرة، و ذلك ما أدى إلى إطلاق مصطلح آخر عليه هو "المستخدمون"، و هذا ما يجعلنا نريد معرفة الفرق بين الجمهور و المستخدمين.

فبعد أن حددنا مفهوم جمهور وسائل الإعلام، و توصلنا إلى أنه يضم مجموعة من الأفراد يمثلون أكثر أنواع الجمهور اتساعا من حيث الحجم الغير متجانسين في عاداتهم و سلوكياتهم و أنماط تواصلهم، مبعثرون في المكان لأنه لا يجمعهم حيز جغرافي واحد، غير منظمين، و غير متعارفين بينهم كما لا يعرفون القائمون بالاتصال، كما أن وجودهم غير مستقر في الزمان و المكان، بقي أن نحدد مفهوم مستخدمي الوسائط الجديدة، و هو ما سنحاول أن نتوصل إليه.

أجريت العديد من البحوث و الدراسات حول المستخدمين انطلاقا من تحديد مفهوم الاستخدام، حيث يطلق مصطلح (المستخدمين) على كل من يستخدم الأجهزة الإلكترونية و التكنولوجية التي تدخل ضمن كل الميادين، لذلك وجب علينا بداية تحديد معنى "الاستخدام" مع تحديد الفرق بينه و بين "الاستعمال" حتى تتضح فكرة تسمية المستخدمين بهذا الاسم بدلا من المستعملين.

الفرق بين الاستعمال و الاستخدام:

- الاستعمال (Utilisation) يرتبط بمفهوم الاستهلاك الفوري للمنتجات ثم تنتهي هذه المنتجات بعد ذلك

- الاستخدام (Usage) يرتبط بمفهوم التعلم، التملك و التحكم من أجل إشباع مختلف الحاجات الإنسانية 20

و على هذا الأساس نستنتج بأن:

- مفهوم الاستخدام يؤدي عادة إلى طرح التساؤل "ماذا يفعل الناس حقيقة بالأدوات و الأشياء التقنية" ؟

- مفهوم الاستخدام يميل بدوره إلى مسألة التملك الاجتماعي للتكنولوجيات، أي علاقة الفرد بالأشياء التقنية و بمحتوياتها أيضا، كما أن الاستخدام فيزيائيا يميل إلى استعمال وسيلة إعلامية أو تكنولوجية قابل للاكتشاف و التحليل عبر ممارسات و تمثلات خصوصية.

- مفهوم الاستخدام يقتضي أولا الوصول إلى تكنولوجيا معينة، بمعنى أن تكون متوفرة فيزيائيا (ماديا) ثم ضرورة أن يتم تبني هذه التكنولوجيا حتى نستطيع الحديث عن الاستخدام.

و بالتالي يعرف الاستخدام على أنه أنماط اجتماعية تظهر وتبرز بصورة منتظمة على نحو كاف بحيث تشكل عادات مندمجة في يوميات المستخدم وتفرض نفسها في قائمة الممارسات الثقافية القائمة مسبقا و تعيد إنتاج نفسها و ربما تظهر مقاومة للممارسات الأخرى المنافسة لها أو المرتبطة بها.

أما مستخدمي الوسائط الجديدة فيمكن أن نعرفهم على أنهم "مجموعة الأفراد الذين يستطيعون متابعة وسائل الإعلام القديمة إضافة إلى استخدام التطبيقات التكنولوجية من خلال هذه الوسائط من أي مكان اعتمادا على شاشاتها، و في أي زمن اعتمادا على الشبكات."21

و لكي يصبح جمهور وسائل الاتصال الجماهيري مستخدمين يجب أن تتوفر لديهم أجهزة الاتصال المتطورة مثل الكمبيوتر الموصول بالإنترنت و الهاتف المحمول و اللوح الإلكتروني، لكن تحقيق هذا الافتراض يتطلب استبعاد الأفراد الذين يعانون من الأمية التقليدية و كذلك الأفراد الذين يعانون من الأمية الإلكترونية إضافة إلى الأفراد الذين يعانون من التكنوفوبيا "المعادين للتكنولوجيا".



المقاربات النظرية و المنهجية لدراسة الجمهور و المستخدمين:

بعد أن توصلنا إلى تحديد مفهوم "جمهور وسائل الاتصال الجماهيري" و بعد تحديدنا لمفهوم "مستخدمي الوسائط الجديدة"، بقي تساؤلان مهمان يجب أن نجيب عليهما و هما، لماذا ندرس جمهور وسائل الاتصال الجماهيري و مستخدمي الوسائط الجديدة، و كيف ندرسهما ؟

التساؤل الأول (لماذا ندرس جمهور وسائل الاتصال الجماهيري و مستخدمي الوسائط الجديدة ؟) يجعلنا نفكر للوهلة الأولى في الفائدة من دراسة الجمهور/المستخدمين و القيمة العلمية التي يمكن إضافتها من خلال هذا النوع من الدراسات، و على هذا الأساس يمكن أن نقول بأن سبب دراسة الجمهور/المستخدمين هو معرفة أهم مظاهر العلاقات التي تحدث بين المتلقي و بين القائم بالاتصال من خلال إحدى وسائل الإعلام أو إحدى الوسائط الجديدة مثل معرفة تأثير الرسائل الإعلامية، و قياس الأثر المتبادل بين الرسالة و المتلقي، و معرفة حجم التفاعل الحاصل بينهما، و قياس مدى التفاعلية بين المستخدمين. وبالتالي ستكون الإجابة على السؤال الأول هي:

"يتم دراسة جمهور وسائل الإعلام و مستخدمي الوسائط الجديدة لتحديد الآليات التي تعيد توجيه الأفراد نحو هدف يريده القائم بالاتصال."22

أما التساؤل الثاني (كيف ندرس جمهور وسائل الاتصال الجماهيري و مستخدمي الوسائط الجديدة ؟) يجعلنا نفكر في المناهج و الأدوات الأنسب لدراسة الجمهور/المستخدمين، فالمنهج الكمي الذي كان مستعملا في الدراسات الأولى لجمهور وسائل الإعلام كان يقدم تفسيرات سطحية و عامة دون إمكانية الغوص في تفاصيل أي دراسة، فالمنهج الأنسب لدراسة الجمهور/المستخدمين خصوصا بعد التطورات السريعة و الهائلة في مجال تكنولوجيات الإعلام و الاتصال هو المنهج الإثنوغرافي الذي يقوم أساسا على أداة الملاحظة و تحديدا الملاحظة بالمشاركة. و عليه ستكون إجابة السؤال الثاني هي:

"ندرس جمهور وسائل الإعلام و مستخدمي الوسائط الجديدة اعتمادا على المقاربات النوعية المستخدمة في الدراسات الأساسية (النظرية) و المقاربات الكمية المستخدمة في الدراسات التطبيقية، لكن من الأفضل استخدام كلا المقاربتين أثناء إنجاز دراسة أكاديمية للجمهور و المستخدمين من أجل تحقيق تكامل يمكن من جمع أكبر عدد من البيانات و يساهم في الوصول إلى أدق النتائج الممكن الوصول إليها"23، لكن يبقى المنهج الأكثر ملاءمة لدراسة الجمهور و المستخدمين في ظل انتشار تكنولوجيات الاتصال الجديدة – كما ذكنا سابقا - هو المنهج الإثنوغرافي.

الإثنوغرافيا:  هو وصف جماعة  ما من خلال محاولة الإجابة عن أسئلة تتعلق بحياة الجماعة أو الأفراد، و هي بذلك تربط بين الثقافة و السلوك الإنساني عبر فترة زمنية معينة و تركز على معارف تفصيلة حول حقائق الحياة الاجتماعية من خلال عدد صغير من الحالات يدرسها الباحث بمعايشة الجماعة.24

المنهج الإثنوغرافي: يعرف بأنه مجموعة من الخطوات و الأدوات المتبعة لفهم أساليب و طرق عيش مجتمع ما في إحدى جوانب الحياة اليومية مثل (تلقي مضامين وسائل الإعلام و الوسائط الجديدة من طرف الجمهور/المستخدمين)، و ذلك من خلال معرفة أفكار أفراده و معتقداتهم و قيمهم و سلوكياتهم، و ما يصنعوه من أشياء و كيف يتعاملون معها، و يتم ذلك عن طريق الملاحظة في الوضع الطبيعي لحياتهم.

و يعتمد البحث الإثنوغرافي على الوصف و التحليل باستخدام الكلمة و العبارة عوضا عن الأرقام و الجداول الإحصائية، و تتركز أهميته في كونه يقدم لنا وصفا مكثفا  للظاهرة محل الدراسة، كما يسعى البحث الإثنوغرافي إلى الكشف عن ما هو "غير متوقع" من خلال دراسة الظاهرة، اعتمادا على مشاركة الباحث المتعمقة لمجتمع البحث، و لكونه الأداة الأساسية و الرئيسية في جمع المعلومات، تصنيفها و تحليلها.

كما يقوم على  مفهوم مشاركة أو إشراك المبحوثين بطريقة مباشرة في الدراسة  و تقديم وجهة نظرهم بصورة شاملة، فالباحث الإثنوغرافي يجب أن يكون قادما إلى مكان الدراسة بعقلية ثقافية و معرفية مفتوحة، و تنصب مهمته في معايشة مجتمع الدراسة بصورة متكاملة (عن طريق الملاحظة بالمشاركة) و يبحث و يتولى نقل و وصف ما يشاهده و ما يسمعه من خلال تسجيله للملاحظات و الآراء و الأفكار و المقترحات و الرؤى من مكان الدراسة.

و للمنهج الإثنوغرافي خصائص تتمثل فيما يلي:

-  إجراء المقابلات العميقة مع المبحوثين من أجل جمع البيانات

- ربط البيانات و الوقائع بالمفاهيم و استخلاص النظريات و المعارف من الميدان

- ربط النتائج المستمدة من دراسة مجموعات معينة في سياق أكبر

يتضمن مفهوم البحث الميداني الإثنوغرافي فكرة البحث الميداني المباشر الذي يقوم به الباحث في سياق علاقة تتم معايشتها في الميدان، فالبحث الإثنوغرافي إذا هو بحث اجتماعي يتميز بالانخراط العميق للباحث في حياة الناس لفترة من الزمن يراقب ما يحدث و يسمع ما يقال، يسأل الأسئلة و يجمع ما يمكن من البيانات بهدف تسليط الضوء على قضايا محورية في البحث.

و يتضمن المنهج الإثنوغرافي جمعا مكثفا للبيانات أي جمع البيانات عن العديد من المتغيرات على فترة زمنية محددة و في وضع طبيعي، و يقصد بمصطلح "الوضع الطبيعي" أن متغيرات البحث يجري استقصاؤها في الموقع الذي تحدث فيه بشكل طبيعي و أثناء حدوثها و ليس في بيئة وضعها الباحث في ظروف شديدة الضبط.

و عند القيام بدراسة  إثنوغرافية حول الجمهور/المستخدمين فإن الباحث يقع في حدود البحث الكيفي السوسيولوجي لمجرد الفهم و بث البحث الإجرائي، لأن الفهم و المشاركة تفيد في التغيير نحو الأفضل، و بالتالي فإنه يختلف  في المنهجية و الأهداف عن الأبحاث الكمية.

كما يقوم الباحث الإثنوغرافي عند دراسة جمهور وسيلة إعلامية معينة أو مستخدمي إحدى الوسائط الجديدة بمعايشتهم و هذا لفترة من الزمن، و ذلك بهدف توضيح أنماط و كيفيات استخدام الأفراد للوسيلة أو الجهاز و تفسير سلوكياتهم و المعتقدات و الاتجاهات و التمثلات الثقافية و الإدراك و الدوافع الخاصة بالأفراد، و كذلك التأويلات و التفسيرات المختلفة التي يعطيها الأفراد عند استخدامهم لها، و لدراسة الجمهور/المستخدمين لابد أن يعتمد الباحث على مجموعة من الأدوات الخاصة بجمع البيانات و التي من أهمها الملاحظة و المقابلة.25



المقاربات النظرية للجمهور و تطورها التاريخي:

تم تمييز التوجهات الحديثة الكبرى لأبحاث الجمهور منذ سبعينيات القرن الماضي ضمن تيارين، الأول هو أنموذج التأثير الذي قطع الصلة بالنموذج السائد في الأربعينيات بالتخلي عن تحليل التأثير قصير المدى، و اهتم بالتأثير الإدراكي بعيد المدى لوسائل الإعلام، و الثاني هو أنموذج التلقي الذي ظهر في بداية الثمانينيات ليهتم بالكيفية التي يؤول بها المتلقي الرسائل الإعلامية بالتركيز على عملية التلقي.

و قبل ذكر تفاصيلهما لابد من تحديد مفهوم مصطلح الأنموذج، فهو يطلق عليه أيضا مصطلح (البراديغم) الذي يشير إلى "مجموعة نظريات و مقاربات علمية تحاول دراسة تأثير وسائل الإعلام".26

- أنموذج التأثير: يشمل مجموعة النظريات و المقاربات التي تناولت التأثير البالغ و المباشر و المحدود و الفوري و الطويل، و تهتم بالتغير الذي يلاحظ في سلوك الجمهور و مواقفه و حالاته المعرفية و الإدراكية ... إلخ أثناء و بعد التعرض لوسائل الإعلام، و علاقة هذا التغير بالقدرة المفترضة التي أسندت لهذه الوسائل في مختلف مراحل تاريخ أبحاث الجمهور، و تعتبر هذه النماذج - خصوصا الأولى - تشاؤمية في عدم قدرة الجمهور على مقاومة وسائل الإعلام ذات التأثير الخطي كنموذج القوى البالغة لوسائل الإعلام و نموذج القذيفة السحرية، ثم ظهر نموذج أقل تشاؤما و هو انتقال المعلومات أو (التدفق الإعلامي) عبر مرحلتين ثم العودة إلى مزيد من التأثير المعمم مع تزايد الأزمات و التوترات و تزايد تحكم وسائل الاتصال الحديثة في النشر الآني للمعلومات، و قد اختفى النموذجين الأوليين كما اختفى نموذج الإعلام الإنمائي الذي أشار إلى دور وسائل الإعلام في حث الناس من أجل نقل مجتمعاتهم من حالة البساطة إلى حالة الحداثة، و لم يعد يعتد كذلك بنموذج الإمبريالية الثقافية و الغزو الثقافي، لكن توجد نماذج تتجدد تبعا للمستحدثات التكنولوجية و تحاول الحفاظ على بقائها كنموذج الانتقاء و نموذج الاستعمال و الإشباع و نموذج الأجندة و نموذج لولب الصمت.

- أنموذج التلقي: يشمل النظرية العامة و النظريات الفرعية و المقاربات التي حولت محور الدراسة من علاقة محتوى الرسالة بالتأثير (ماذا تفعل وسائل الإعلام بالجمهور) إلى التركيز على مصير الرسالة بعد تلقيها من قبل الجمهور النشيط و القوي (ماذا يفعل الجمهور بوسائل الإعلام)، فأحدثت مقاربة الإشكالية الجديدة بنموذج الاستعمال و الإشباع لكاتز و نموذج التفاعلات و التأويلات لمورلي نقلة نوعية في نماذج أبحاث الجمهور، و أصبح التركيز على علاقة الرسالة بالمتلقي، و نظرية التلقي هي امتداد لنظرية التأثير و التقبل، كما جاءت نظرية موازية للتيارات النقدية التقليدية المهتمة بالمعنى و استخراجه من النص، و كذا التيارات البنيوية التي غاصت في النص و أهملت القارئ الذي أعادت له نظرية التلقي الاعتبار.

ترى نظرية التلقي أن أهم ما في عملية التواصل الأدبي هو المشاركة بين النص و القارئ لأن حياة النص الأدبي لا تكتمل إلا بالقراءة و إعادة الإنتاج، و قد طور بعض منظري الإعلام نظرية التلقي و أقاموا خطوط تلاقي بينها و بين نظرية الاستعمال و الإشباع المرتكزة على تأثير وسائل الإعلام و طريقة استخدامهم و المنفعة المحققة منهم، و ترى هذه النظرية أن المادة الإعلامية لا تستقل بمعنى ذاتي، بل يتم المعنى من خلال التفاعل بين المادة و المتلقي لأن العوامل المحيطة بالمتلقي تأثيرها أكبر من المادة الإعلامية، حيث تشمل هذه العوامل هوية المتلقي و ظروف التعرض و التجارب السابقة و ما يحيط بالمتلقي سياسيا و اجتماعيا ... إلخ.

تميز التطور الأول لأنموذج التلقي بالانتقال من التساؤلات حول البنية الطبقية و عملية فك الرموز إلى التمايز في عملية المشاهدة التلفزيونية حسب النوع داخل العائلة، و لذلك اتسع إطار قضية التلقي من خلال الربط بين التكنولوجيات الجديدة و وسائل الاتصال الجماهيري و التفاعلات العائلية.

- أنموذج ما بعد الحداثة: تستمد المفاهيم الجديدة المتعلقة بجمهور وسائل الاتصال من أدبيات تيارات ما بعد الحداثة منذ القرن العشرين و الأجواء المستجدة في المحيط الاتصالي بسبب تكنولوجيات الإعلام و الاتصال، و قد دل مفهوم ما بعد الحداثة "الذي تكثف استعماله منذ العقد الثامن" على تغييرات كبيرة في أنماط التفكير مشيرا إلى التيارات النقدية للحقائق المطلقة في مجال ما كمواقف إيديولوجية، و قد ظهرت عدة دراسات أصبحت مؤشرات قوية على ظهور تيار جديد في الدراسات الإعلامية و دراسات الجمهور خاصة يمكن أن تصبح أنموذج يصف ما بعد الحداثة، و أهم المفاهيم المتداولة في المرحلة الانتقالية من مجتمعات الحداثة إلى ما بعد الحداثة هي:

مفهوم السياق المنزلي: يتيح الإلمام بمختلف جوانب ظاهرة المشاهدة التلفزيونية التي تجري في السياق المنزلي ضمن الأسرة بمعرفة الإطار الذي تستقبل فيه الرسائل الإعلامية إن كان خاص أو في حضور العائلة و كيفية تحقيق عملية الاتصال في هذا السياق و كيف يتم دمج التكنولوجيات المنزلية به، و يستبعد تحليل هذا السياق المفهوم العددي للجمهور، بل ينظر للفرد كعضو متفاعل نشيط آراءه و سلوكياته مرتبطة بالظروف السياقية التي تتشكل فيها الأفكار.

مفهوم التكنولوجيات المنزلية: تنظر دراسات الاستعمالات التكنولوجية المنزلية خلال ربع قرن تقريبا إلى هذه التكنولوجيات كوسيلة إعلام منزلية في السياق العائلي و السياق العام الاجتماعي، السياسي، الاقتصادي ... إلخ، و هنا تعنى التكنولوجيا بكل وسائلها (تلفزيون، حاسوب، قارئ أشرطة فيديو ... إلخ) الموضوع و الممارسات المتولدة و دلالاتها متضمنة قيم مادية و رمزية تتشكل من خلال الاستعمال، أي فهم كيفية إدماج التكنولوجيا في الحياة العائلية، و تأثير هذه الحياة في التكنولوجيات المنزلية.

مفهوم الديناميكية العائلية: أدخل تعديلا مهما على مفهوم الجمهور الذي صارت وحدته القاعدية المشاهدة العائلية بدلا من المشاهدة الفردية، و بالتالي جعل الأسرة مجالا نشيطا للممارسة الاجتماعية المتأثرة بالمحيط الثقافي و بالخصوصيات العائلية التي تحدد درجات انفتاحهم على التأثيرات الخارجية، و قد سمح هذا بوضع إطار للتفكير في دراسة العلاقات العائلية التي تتم من خلال عملية استعمال التكنولوجيات المنزلية الجديدة و ترجمة الرموز التي تحملها و فهم مضامين الرسائل التي تنقلها، أي يمكن هذا المفهوم من تحليل التعرض و الاستعمال الفردي ضمن إطار تفاعلات العلاقات العائلية و تحديد عوامل ممارسة المشاهدة.27



ختاما لهذا المقال، يمكن القول بأنه رغم كل الجهود التي بذلت من أجل إعطاء المكانة العلمية اللازمة لدراسات الجمهور و المستخدمين ضمن علوم الإعلام و الاتصال بدراسة تطورها التاريخي و معرفة مكانتها ضمن هذا الحقل المعرفي قبل أن يستقل كعلم بذاته و بعد ذلك، ثم محاولة تحديد مختلف المقاربات التي يمكن الاعتماد عليها أثناء إجراء أي دراسة ضمن أبحاث الجمهور و المستخدمين، لكن مازالت العديد من الجوانب النظرية و المنهجية توجد على شكل إرهاصات خصوصا في ظل انتشار استخدام الوسائط الجديدة مما يجعل آفاق الاستكشاف و البحث و التنظير قائمة وبالأخص في جانب تكنولوجيات الإعلام و الاتصال و استخدامها في التلقي خلال العقود القادمة.







قائمة المراجع:

01- بشير العلاق، نظريات الاتصال: مدخل متكامل، د.ط، عمان، دار اليازوري العلمية للنشر و التوزيع، 2010، ص ص 13-20.

02- علي قسايسية، المنطلقات النظرية و المنهجية لدراسات التلقي، أطروحة دكتوراه دولة، تخصص علوم الإعلام و الاتصال، جامعة الجزائر، 2007، ص ص 66-69.

03- علي قسايسية، مصطلح الجمهور في المدرسة الإنجلوساكسونية، محاضرة في مقياس مقاربات الجمهور و مستخدمي الوسائط الجديدة لطلبة الدكتوراه، تخصص الاتصال الجماهيري والوسائط الجديدة، السداسي الأول، جامعة الجزائر3، بتاريخ 23/01/2016.

04- علي قسايسية، مرجع سبق ذكره، ص ص 73-75.

05- إبراهيم عبد الله المسلمى، إدارة المؤسسات الصحفية، د.ط، العربي للنشر و التوزيع، القاهرة، 1995، ص ص 31-33.

06- علي قسايسية، مرجع سبق ذكره، ص 76.

07- علي قسايسية، مرجع سبق ذكره، ص ص 82-89.

08- علي قسايسية، مرجع سبق ذكره، ص 78.

09- فضيل دليو، تكنولوجيا الإعلام و الاتصال الجديدة "قضايا معاصرة"، د.ط، الجزائر، دار هومة  للطباعة و النشر و التوزيع، 2015، ص ص 11-13.

10- عبد الحكيم أحمين ، عرض كتاب الميديا الجديدة: الابستمولوجيا و الإشكاليات و السياقات للباحث الصادق الحمامي، موقع الجزيرة، http://www.aljazeera.net/knowledgegate/books/2013/4/11/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF%D8%A9، بتاريخ 04/03/2016، على الساعة 20:34.

11- تعريف جهاز الحاسوب، البرنامج الوطني لدروس مقياس بنية الآلة لمستوى تقني سامي تخصص الإعلام الآلي (السداسي الأول)، وزارة التكوين و التعليم المهنيين الجزائرية، 2015.

12- محمد الفاتح حمدي و آخرون، تكنولوجيا الاتصال و الإعلام الحديثة، ط1، الجزائر، كنوز الحكمة للنشر و التوزيع، 2011، ص ص 18-19.

13- عمار خيربك، البحث عن المعلومات في الإنترنت، ط1، دمشق، دار الرضا للنشر، 2000، ص ص 71-75.

14- علي قسايسية، شبكة الإنترنت، محاضرة في مقياس مقاربات الجمهور و مستخدمي الوسائط الجديدة لطلبة الدكتوراه، تخصص الاتصال الجماهيري والوسائط الجديدة، السداسي الأول، جامعة الجزائر3، بتاريخ 09/01/2016.

15- علي قسايسية، نفس المرجع السابق.

16- تصنيف الدول حسب مستوى التقدم، موقع موسوعة المقاتل، http://www.moqatel.com/openshare/Behoth/Gography11/geography/sec256.doc_cvt.htm، بتاريخ 09/03/2016، على الساعة 10:54.

17- علي قسايسية، تصنيف الدول حسب التقدم التكنولوجي، محاضرة في مقياس مقاربات الجمهور و مستخدمي الوسائط الجديدة لطلبة الدكتوراه، تخصص الاتصال الجماهيري والوسائط الجديدة، السداسي الأول، جامعة الجزائر3، بتاريخ 16/01/2016.

18- محمد سمير أحمد، الإدارة الإلكترونية، ط1، عمان، دار المسيرة للنشر و التوزيع و الطباعة، 2009، ص 87.

19- علي قسايسية، مرجع سبق ذكره.

20- باديس لونيس، اتجاهات البحث في استخدامات تكنولوجيا الاتصال الحديثة، مداخلة ألقيت في الملتقى الوطني الأول حول: وسائط الاتصال بين التلقي و الاستخدام، جامعة الجزائر3، يومي 10-11/12/2014، ص ص 11-12.

21- سامية مهدي، المصطلح في علوم الإعلام و الاتصال، مداخلة ألقيت في الملتقى الوطني الأول حول: وسائط الاتصال بين التلقي و الاستخدام، جامعة الجزائر3، يومي 10-11/12/2014، ص 14.

22- علي قسايسية، دراسة جمهور و مستخدمي وسائط الاتصال، محاضرة في مقياس مقاربات الجمهور و مستخدمي الوسائط الجديدة لطلبة الدكتوراه، تخصص الاتصال الجماهيري والوسائط الجديدة، السداسي الأول، جامعة الجزائر3، بتاريخ 20/02/2016.

23- علي قسايسية، نفس المرجع السابق.

24- فتيحة بوغازي، إثنوغرافية الإنترنت، مدونة دراسات الجمهور، http://audience-studies.over-blog.com/article-33018485.html، بتاريخ 09/03/2016، على الساعة 11:02.

25- فتيحة بوغازي، نفس المرجع السابق.

26- علي قسايسية، مرجع سبق ذكره.

27- علي قسايسية، مقاربات جمهور وسائل الإعلام و مستخدمي الوسائط الجديدة، موقع الأستاذ الدكتور علي قسايسية، http://alikessaissia.net/?p=80، بتاريخ 09/03/2015، على الساعة 11:16.


إرسال تعليق