تحميل دراسة: التفاعلية في الصحافة الإليكترونية العربية ودورها في التعبير عن الرأي دراسة لمضمون وجمهور منتدى "العربية نت"

يتناول البحث فرضيات نظرية دوامة الصمت ومدى صلاحيتها كأساس نظري لتفسير التعبير عن الرأي في بيئة الصحافة الإليكترونية العربية، وذلك من خلال تحليل مضمون عينة من ساحات النقاش المفتوحة في موقع العربية نت، والتعرف على سمات مستخدميها وأنماط استخدامها كوسيلة  للتعبير عن آرائهم سواء المؤيدة أو المعارضة للاتجاهات الغالبة في المنتدى. وقد نبعت فكرة الدراسة من حقيقة تنامي المجتمعات الافتراضية وجماعات النقاش في الصحف الإليكترونية التي تتيح للملايين من الناس المشاركة في النقاش حول  كل شيء يمكن تصوره تقريبا.  ويتناول البحث من خلال دراستين تحليلية لموقع العربية نت، وميدانية لجمهور مستخدمي الموقع، واقع التعبير عن الرأي في القضايا والأحداث المنشورة على الموقع والتي استأثرت بأكبر عدد من التعليقات خلال شهر ديسمبر 2007.
ويختبر البحث فرضية رئيسية تقول إن المقولة الرئيسية لنظرية دوامة الصمت لا تعمل في بيئة الصحافة الإليكترونية العربية. يتفرع منها عدد من الفرضيات الفرعية بالإضافة إلى عدد من الأسئلة البحثية المتصلة بدراسة جمهور المنتدى.
ويقوم البناء المنهجي للدراسة على أساس تحليل الحدث اليومي الرئيسي المنشور على الموقع (لمدة أسبوع)، وقد تم تحديد أهمية الحدث أو القضية من خلال البيانات التي يقدمها الموقع عن أكثر الموضوعات قراءة وأكثر الموضوعات حصولا على تعليقات من القراء، ثم تحديد مناخ الرأي في الحدث أو القضية المطروحة من خلال تحليل القصة الخبرية الرئيسية،  وتحليل الآراء المنشورة، ومن ثم تحديد نسب الآراء المتفقة مع مناخ الرأي الذي أفرزته القصة الخبرية، ونسب الآراء المتعارضة معه.
ويستخدم البحث منهج المسح الإعلامي بشقيه: مسح مضمون المنتدى الإليكتروني على موقع العربية نت، ومسح جمهور هذا المنتدى. وفي الجزء الأول من البحث تستخدم الباحثة أداة تحليل المضمون بهدف رصد وتحليل اتجاهات الرأي للمشاركات المنشورة في المنتدى حول الموضوعات المطروحة للنقاش خلال الفترة الزمنية المحددة. أما في النوع الثاني من المسح فقد تم استخدام الاستبيان الإليكتروني كأداة لجمع البيانات والمعلومات من عينة ممثلة لمستخدمي المنتدى.
وتتكون الدراسة من مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة، يتضمن المبحث الأول تعريفا بالتفاعلية وحدودها في الصحافة الإليكترونية. ويتناول المبحث الثاني نظرية دوامة الصمت التي تختبرها الدراسة. ويقدم المبحث الثالث نتائج الدراسة التحليلية، فيما يقدم المبحث الرابع نتائج دراسة جمهور منتدى العربية نت. وتشمل الخاتمة الإجابة عن التساؤلات واختبار فروض الدراسة ومناقشة النتائج.
أهم النتائج:
أكدت الدراسة صحة الفرض الأول الذي يقيم علاقة بين طبيعة الأحداث والقضايا المطروحة في المنتدى وبين إقدام قراء الموقع على المشاركة في ساحات النقاش حولها. حيث اتضح من الدراسة التحليلية  أن الموضوعات السياسية والموضوعات الدينية وبنسبتين متساويتين هي أكثر الموضوعات التي تثير تعليقات القراء في العربية نت وتستحوذ على العدد الأكبر منها خلال الأسبوع المدروس، بينما غابت الموضوعات الأخرى كالفنية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من قائمة الموضوعات الأكثر إثارة للتعليقات.
وثبت من الدراسة صحة الفرض الثاني الذي يقول بوجود علاقة بين مكان وقوع الحدث/ القضية وبين إقدام القراء على المشاركة في ساحات النقاش حوله، حيث اتضح أن الأحداث الخمسة التي أثارت العدد الأكبر من تعليقات القراء قد وقعت أربعة منها في دول عربية، وواحد فقط في دولة أجنبية هي سويسرا. كما اتضح أن الأحداث العربية الأربعة وقعت في مصر والسعودية فقط.
وأثبتت الدراسة صحة الفرض الثالث الذي يقول بوجود علاقة بين الدولة أو الدول المتعلق بها الحدث أو القضية المطروحة وبين هوية القراء المشاركين في ساحات النقاش حولها. إذ اتضح أن النسبة الأكبر كانت لمعلقين من المملكة العربية السعودية، تلتها مصر. وشكلت تعليقات السعوديين والمصريين على الأحداث الخمسة أكثر من نصف التعليقات المنشورة في المنتدى.
وفيما يتعلق بتساؤلات الدراسة الميدانية فقد حددت الدراسة أهم السمات الديموجرافية للمشاركين في منتدى العربية نت كما حددت أنماط المشاركة في ساحات النقاش علي الموقع من جانب القراء، وفسرت العلاقة بين الاتجاه الذي يعبر عنه المشارك في الملتقي وبين الرأي السائد في التعليقات المنشورة.
وفي ضوء النتائج السابقة انتهى البحث إلى تأكيد صحة الفرضية الرئيسية له، إذ اتضح أن هناك بالفعل علاقة ارتباطية بين سمات المنتديات المفتوحة في الصحافة الإليكترونية (حرية المشاركة- إمكانية تحديد مناخ الرأي ومستقبله- إمكانية تجهيل الأسماء والتوقيع بأسماء مستعارة- إمكانية تقديم أكثر من رأي في الحدث أو القضية الواحدة) وبين إقدام أصحاب رأي الأقلية على التعبير عن آرائهم وعدم التزام الصمت. وقد ثبت أن القراء الذين يحملون آراء معارضة لرأي الأغلبية في الحدث المطروح للنقاش في موقع العربية لا يميلون إلى التزام الصمت. وبالتالي يمكن أن نؤكد أن البيئة الافتراضية غير الواقعية للتعبير عن الرأي في المنتديات الإليكترونية قد تقلل أو تحد من الشعور بالخوف من العزلة لدي أصحاب رأي الأقلية، وبالتالي فإنهم يبادرون بالتعبير عن آرائهم وإن اختلفت مع الرأي السائد لإدراكهم أن الاشتراك في الجدل حول الحدث أو القضية لن ينتج عنه أي  عزلة فعلية. كما أن سهولة تحديد مناخ الرأي  السائد (رأي الأغلبية) من خلال مطالعة كل الآراء المعروضة على الموقع قبل المشاركة ومنها بالطبع آراء الأقلية، يمنح المشاركين الفرصة لتحديد اتجاهاتهم والتعبير عنها دون خوف، بالإضافة إلى إمكانية الاشتراك بأسماء مستعارة للتعبير عن رأي معارض للرأي السائد.
وإذا كانت نتائج الدراسة تنصب في الأساس على منتدى موقع العربية فإن نتائجها يمكن أن تنسحب أيضا على المنتديات التي تزخر بها بعض مواقع الصحافة الإليكترونية العربية، وهو ما يؤكد ضرورة الاهتمام بمتابعة وتحليل تلك المنتديات كمنافذ للتعبير عن الرأي للتعرف على اتجاهات الرأي الحقيقية في العام العربي في مختلف القضايا والأحداث.