الأساليب الاقناعية في الصحافة المكتوبة دراسة تحليلية للمضامين الصحية في جريدة – الخبر-
يميل الإنسان إلى الاجتماع و إقامة العلاقات مع الغير، فالإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع
العيش بمفرده. ينتج عن هذا الاجتماع اتصال متبادل وتفاعل مشترك يتعرض فيه الفرد لشتى عمليات
الاتصال، فمنها البسيطة التي تمر من خلال أحداث يومية متتابعة، ومنها المعقدة التي تتضمن أهداف
معدة سلفا، تطمح لتحقيق مكاسب سواء مادية أو معنوية، فتؤدي بالفرد إلى تغيير بعضا من عاداته،
سلوكاته وحتى اتجاهاته، أو تدعم معتقداته وتثبت أفكاره، أو قد لا يعيرها الاهتمام لأنها لم تلفت حتى
انتباهه. الأمر الذي أدى بالكثير إلى التساؤل عن العوامل والأسباب الكامنة وراء نجاح بعض عمليات
الاتصال و التي تساعد على إحداث التأثير المنشود أو فشلها؟
لا شك أن الأمر يتعلق أساسا ب "الإقناع". لقد عرف الإنسان أهمية هذا الفن منذ القدم وإن كان
تحت مسميات مختلفة، "البلاغة"، "الخطابة"، وحتى " الاتصال" فكلها كلمات تدل على طريقة توصيل
الكلمات أو التعبير عن الفكر في رموز، تعكس هذه الكلمات المرتبطة زمنيا بحقبات مختلفة رغبة
الإنسان الممتدة عبر التاريخ للتحكم في الإقناع منذ أن تبادل الآراء مع الآخرين وحاول التأثير عليه
وإخضاعهم لفكره، فمارس هذا الفن في كل المجالات مهما كانت مستوياتها، وكلما لزمت الضرورة
إليها، بدأ من أبسط الممارسات داخل الأسرة إلى أعلى الاهتمامات الاقتصادية، السياسية والتجارية،
حيث كان يبحث دائما عن إجابة دقيقة لسؤاله، هل هناك سبيل لتغيير موقف ما إذا سبق وأن تقرر؟ أو
هل هناك طريقة لتشجيع بعض السلوكات الجديدة؟
ونظرا للأهمية التي اكتسبها الإقناع في المجتمع كركيزة أساسية لبلورة الأفكار وجعلها تتماشى
وميولات ورغبات الأفراد، ازدادت الحاجة إليه مع تطور وتعقد الحياة الاجتماعية وزيادة مطالب
الأفراد، وتباين أفكارهم، اتجاهاتهم ومصالحهم، وزيادة وتيرة المنافسة بينهم، وألحت الضرورة بذلك
على العلماء والباحثين الخوض في هذا المجال بكل قوة، حيث شهد ميدان الإعلام والاتصال منذ
الخمسينيات من القرن المنصرم، اهتماما متميزا بالأبحاث المتعلقة بالاتصال الاقناعي، مثل أبحاث
"كارل هوفلد" وغيره، إذ حاولوا الكشف عن أنجع الأساليب والميكانيزمات المؤدية إلى إحداث التأثير
المنشود، والتي تحدث تأثيرا أكثر من غيرها في عمليات الإقناع من خلال تجزئة العملية الاقناعية إلى
أبسط عناصرها بغية التحكم في كل عنصر فيها، فتوصلوا إلى وضع نظريات في شكلها التجريدي
(التعلم، التلقيح (التحصين)، الترابط المعرفي،…) لتوضيح أبعاد العملية الاقناعية المرتبطة بالواقع،
لكن ورغم هذا مازال السؤال مطروحا: هل توصل العلم إلى ابتكار إغراءات مقنعة تستطيع السيطرة
على السلوك الإنساني
تحميل
تعليقات: 0
إرسال تعليق