أبعاد أيديولوجيا الخطاب الإعلامي لتنظيم الدولة الإسلامية
تُقدِّم الورقة قراءة تفكيكية لأيديولوجيا الخطاب الإعلامي لتنظيم الدولة في سياق اهتمامه (التنظيم) المتزايد بوسائل الإعلام الجديد، لاسيما شبكات التواصل الاجتماعي، ودورها في تشكيل الرأي العام، واستثماره لهذه الوسائط في نشر أيديولوجيته وبث دعايته. وقد أظهر فيديو إعدام الطيار الأردني معاذ الكساسبة، والأقباط المصريين، قدرة هذا الخطاب على تكثيف رمزية علاماته، نصًّا ولغةً وصورةً، والتمثيلات المدركة لمرجعيته الفكرية ومنظومته القيمية.
وتنطلق الورقة في تحليل أبعاد أيديولوجيا الخطاب الإعلامي لتنظيم الدولة من استراتيجيات القائم بالاتصال في تنظيم المحتوى، وتحديد الوسائط الأكثر ثراء لإيصال رسالته في سياق الحرب النفسية التي يخوضها التنظيم ضد خصومه؛ لذلك يَجْهَد لأن تكون شبكات التواصل الاجتماعي (اليوتيوب وتويتر) الوسيط الحامل لأيديولوجيته، والعنوان الدَّال (عنوان الهوية الإلكترونية) على كينونته؛ ساعيًا إلى "تطبيع" مرجعيته الفكرية والعقائدية مع المستخدمين و"تسييل" العنف المتوحش عبر هذه الوسائل، وإبراز خصوصية الـ"نحن" (دولة الخلافة) التي تواجه الـ"هُمْ" (الصليبيين والمرتدين) في صراع وجودي أزلي؛ وهو ما يُفسِّر جزئيًّا الحرب الإلكترونية التي تخوضها دول التحالف ضد تنظيم الدولة لمحاصرته إعلاميًّا، والحيلولة دون تمدُّده في الفضاء الرقمي والسيطرة عليه؛ باعتبار أن إنتاج الخطاب يمثل القوة والسلطة.
ويهدف هذا الخطاب إلى خلق كتلة أيديولوجية من جمهور مُنْصَهِر المواقف والاتجاهات والسلوكيات وصولًا إلى قَوْلَبَةِ وتَنْمِيطِ وعي المستخدمين باتجاه النظام القيمي للتنظيم وممارساته الاجتماعية ورؤيته السياسية للصراع؛ فضلًا عن إثارة الخوف وإرهاب الـ(هُمْ) كما يبدو في التشفي والنكاية بالأسرى، والتمثيل بضحاياه؛ فـالغاية هنا (الترهيب) تبرر الوسيلة بالنسبة للتنظيم؛ وهو ما يبدو في إنتاج فهم لـ"البعثة المحمدية" خارج سياق النص القرآني والأدلة الشرعية عندما يجعلها مساوية للسيف (رحمة الرسالة المحمدية=السيف)؛ وبذلك يصبح الخطاب دعائيًّا مُشْبَعًا بالأيديولوجيا (أيديولوجيا التوحش)؛ يُروِّج، مُتَعَمِّدًا، منظومته الفكرية والعقائدية وتكوين اتجاهات مؤيدة لها.
تعليقات: 0
إرسال تعليق