-->

الحرب الإلكترونية لعاصفة الحزم وصراع القيم والرموز

 الحرب الإلكترونية لعاصفة الحزم وصراع القيم والرموز


تعالج الورقة منطلقات الحرب الإلكترونية الإعلامية لعاصفة الحزم وسياقاتها السياسية والثقافية، وتستقصي فرضية الصراع القيمي والرَّمزي باعتباره استمرارًا للصراع السياسي والعسكري عبر استخدام المعلومات ضد المعلومات وقلبها ضد الفاعلين في هذه الحرب؛ حيث تُظهر عمليات حجب واختراق المواقع الإخبارية، ومحتوى التغطية لعاصفة الحزم، أن الرسالة الإعلامية مُؤَطَّرةٌ بقيمٍ مَخْصُوصَةٍ في بناء وتشكيل الأخبار والوقائع لإبلاغ أو تعزيز أو الرفع والإعلاء، والتي من شأنها (القيم) أن تصبح لها القدرة في تنمية أنماطٍ وأُطرٍ فكريةٍ وعلاقاتٍ وبِنًى اجتماعيةٍ لخدمة أهداف العملية العسكرية. وتعتمد الورقة في معالجة هذه الفرضية نظرية الحتمية القيمية في الإعلام التي تُقدِّم إطارًا تفسيريًّا للتفاعل الجدلي بين الثقافة ووسائل الاتصال؛ حيث تعتبر الرسالة أساس عملية الاتصال والتي تُشكِّل المرجع في ضبط العلاقة بين الثقافة ووسائل الاتصال، رغم أن الوسيلة تؤثر في طبيعة الرسالة شكلًا ومضمونًا، ويعني ذلك أن أي عنصر، أو ظاهرة إعلامية، يُفسَّر أو يُفهم من حيث قُربه أو بُعده من القيمة.
وخلصت الدراسة إلى أن الصراع السياسي والعسكري يبدو مُجَسِّدًا لصراعٍ قيميٍّ رمزيٍّ حول قيم الشرعية الدستورية مُمثَّلةً في رأس الدولة، و"الانقلاب" الذي يستمدُّ سلطته من قوة السلاح بدلًا من سلطة الشعب؛ إذ تقوم التغطية بترفيع وإعلاء قيمة المقاومة الشعبية ضد ما تُسمِّيه بـ"الانقلاب"؛ وهو ما يستدعي قيمةً أخرى مُقَابِلةً؛ وهي الاحتلال الموجِبُ لفعل وعملية التحرير. وهنا، تبرز قيمتان رمزيتان تُحدِّدان هويةَ أطراف الصراع العسكري في اليمن وانتماءها وولاءها للوطن، وهما قيمتا الوطنية (المقاومة الشعبية) واللاوطنية (الميليشيات الحوثية وكتائب علي عبد الله صالح)، وبالموازاة مع ذلك يتم إعلاء ورفع رمزية القيادة السعودية لعاصفة الحزم؛ حيث تصبح القيمة التي يُركِّز عليها المحتوى البديل هي "القيادة البطولية" لرمز الدولة الذي يقود مرحلةً جديدةً من تاريخ المملكة؛ لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
في المقابل، تسعى حركة أنصار الله إلى التعتيم على الرسالة (القيم) التي تناقض سرديَّتها بشأن ما تعتبره اعتداءً أو عدوانًا على اليمن من قبل التحالف العربي وشركائه؛ فضلًا عن رغبتها في عزل اليمنيين عن العالم الخارجي. لذلك تحاول جماعة الحوثي فرض الصمت وإسكات وسائل الإعلام، لاسيما الوسائط الجديدة. كما تستدعي الرُّموز الشيعية، مثل: صورة زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله الذي يُمثِّل في المخيال السياسي لحركة أنصار الله نموذجًا للمقاومة ورمزًا مُلْهِمًا للنصر، وتُبلِّغ المواد التي يتم "إحلالها" في المواقع المخترقة عن وحدة الهوية المذهبية الشيعية والمصير المشترك من خلال الالتقاء بين المذهب الزيدي، الذي يمثل المرجعية المذهبية لحركة أنصار الله، والمذهب الاثني عشري الذي يؤمن بولاية الفقيه ويمثل العقيدة المذهبية لحزب الله. وهنا يأخذ الصراع القيمي الرَّمزي بين عاصفة الحزم الإلكترونية والجيش اليمني الإلكتروني بُعدًا طائفيًّا يزيد الحرب الإلكترونية الإعلامية والعسكرية اشتعالًا يُوسِّع نطاقها وأبعادها.

إرسال تعليق